Wednesday, January 15, 2025

الوزير أنتوني بلينكن: “نحو وعد بشرق أوسط أكثر تكاملا”

Department of State United States of America

ترجمة مقدمة من وزارة الخارجية الأمريكية



كلمة
وزير الخارجية أنتوني بلينكن
مقر المجلس الأطلسي
واشنطن العاصمة
14 كانون الثاني/يناير 2025

الوزير بلينكن: شكرًا جزيلًا لكم.  شكرًا لكم.  شكرًا لكم.

حسنًا، صباح الخير جميعًا.  وأنت يا فريد، شكرا لك على هذه المقدمة الكريمة بشكل لا يصدق، ولكن شكرا لك بشكل خاص على قيادتك لهذا المجلس على مدى عقدين تقريبا.  إنه لأمر رائع أن أكون معكم اليوم.  ومن الرائع أن نكون في هذا الموقع الجديد الاستثنائي.

في أوائل ستينيات القرن الماضي، اجتمع في واشنطن كبار الدبلوماسيين والمثقفون البارزون والمحسنون وغيرهم لإنشاء منظمة تأسست لمواجهة تحديات عالم متزايد الترابط.  وكان من بين الحضور، من بين آخرين: وزير الخارجية دين راسك، الذي كان صريحًا بشأن ما يعتقد أنه سيكون أكثر فائدة لهذا المجلس: "الوزارة تأمل في المبادرة والبحث، وإذا لزم الأمر، تتلقي وزارة الخارجية قرصة أذن انتقادية".  (ضحك.)

هذا هو بالضبط ما قدمه المجلس لأكثر من ستة عقود ونصف العقد من الزمن، بدءا من العلاقة عبر الأطلسي، والنمو ليشمل الخبرات في أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك المنطقة التي أريد أن أتحدث عنها اليوم: الشرق الأوسط.

والآن، منذ البداية، لم يكن الهدف الأساسي لإدارة بايدن في الشرق الأوسط هو تكرار الخطأ الفادح الذي ارتكبته في السنوات الماضية المتمثل في محاولة تحويل حكوماتها أو مجتمعاتها، بل تحويل العلاقات مع شركاء الولايات المتحدة في المنطقة وفيما بينهم.

ذلك لأننا رأينا أن المنطقة الأكثر تكاملا هي الأكثر قدرة على الاستقرار والأمن، وعلى توفير الفرص الاقتصادية لشعوبها، وعلى إيجاد حلول للتحديات المشتركة – من الأوبئة والإرهاب إلى البنية التحتية واحتياجات الطاقة.  كما أن المنطقة الأكثر تكاملا هي أيضا في وضع أقوى لمنع أي من جيرانها من الهيمنة على الآخرين، أو أي دولة خارجية من الهيمنة على المنطقة، ولردع العدوان والانتشار النووي، ولتفادي الصراع وتهدئة الأوضاع وإنهاء النزاعات من خلال الدبلوماسية.

لقد تحركنا بسرعة لتحقيق هذه الرؤية.  قمنا بتعميق وتوسيع نطاق اتفاقات إبراهيم.  وقمنا بقيادة تحالفات جديدة مثل تحالف (I2U2) الذي يجمع بين الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة لمواجهة التحديات المشتركة.  وأعلنا عن ممر اقتصادي رائد يربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

وعملنا مع الأمم المتحدة للتوسط في هدنة في اليمن.  وواصلنا قيادة وتعزيز التحالف الذي يضم 87 دولة لمكافحة تنظيم داعش.

وفي أعقاب خروج إدارة ترامب الأحادي الجانب والمضلل من الاتفاق النووي الإيراني، أوضحنا أن هناك طريقًا للعودة المتبادلة إلى الامتثال إذا كانت طهران مستعدة لاتخاذ الخطوات اللازمة.  وفي الوقت نفسه، عززنا نظام العقوبات الأميركية الصارم على إيران وأوفينا بالتزام الرئيس بايدن -.

(ألفاظ احتجاجية.)

الوزير بلينكن: لذلك، وللاستمرار، في الوقت نفسه، عززنا نظام العقوبات الأميركية الصارم على إيران وأوفينا بالتزام الرئيس بايدن بعدم حصول إيران على سلاح نووي في عهده.

وأخيرا، أحرزنا تقدما كبيرا نحو اتفاق شامل من شأنه أن يعزز شراكتنا الاستراتيجية مع المملكة العربية السعودية وتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.

وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان من المقرر أن أسافر إلى إسرائيل والمملكة العربية السعودية للمساعدة في سد الثغرات المتبقية في اتفاق التطبيع، وعلى وجه الخصوص، للسعي إلى الاتفاق على أحد مكوناته الأساسية: مسار موثوق به لدولة فلسطينية، مع ضمانات أمنية صارمة لإسرائيل.

ولكن في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، هاجمت حماس إسرائيل، مطلقةً العنان لأيام هي الأكثر فتكا باليهود منذ المحرقة.  فقد قتلت حماس أكثر من 1200 رجل وامرأة وطفل – وعذبت وشوهت واعتدت جنسيًا على العديد من ضحاياها.

كانت الغالبية العظمى من ضحايا حماس من المدنيين.  وكان من بينهم مواطنون من أكثر من 30 دولة، من بينهم 46 أميركيًا.  كما احتجزت حماس أكثر من 250 شخصًا كرهائن، من بينهم حوالي 30 طفلًا و12 أميركيًا.  ولا يزال سبعة من هؤلاء الأميركيين رهائن حتى يومنا هذا.

والآن، لم يكن توقيت هجوم حماس من قبيل الصدفة.  فاندماج إسرائيل المتزايد في المنطقة – احتمال التطبيع مع السعودية – شكّل تهديدًا وجوديًا لقوة حماس وطموحاتها في الهيمنة على المشهد السياسي الفلسطيني، ومبرر وجودها، وهو رفض الدولتين وتدمير إسرائيل.

وكما كشفت الملاحظات التي تم جمعها من اجتماعات كبار مسؤولي حماس في وقت لاحق، فقد سعت حماس إلى إشعال حرب إقليمية من شأنها أن تعرقل هذا الاتفاق، مع علمها بأن ذلك سيلحق معاناة هائلة بالمدنيين من جميع الأطراف، بما في ذلك الشعب الفلسطيني الذي تدعي تمثيل مصالحه.

في أعقاب الهجوم، أوضح الرئيس بايدن التزام الولايات المتحدة الثابت بمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها ومنع وقوع هجوم آخر مثل هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر.  وأكد تصميمه على تجنب صراع إقليمي أوسع نطاقا بكل ما قد يجلبه ذلك من موت ودمار.  واتخذ خطوات فورية لردع المزيد من العدوان ومنع انتشار الصراع – بنشر اثنتين من أكبر مجموعات حاملات الطائرات لدينا، وطائرات مقاتلة، وسفن حربية، وغواصة الصواريخ الموجّهة، وقوات في المنطقة.  وتعهد ببذل جهود دؤوبة فيها لتأمين إطلاق سراح الرهائن.

وقد أصبح أول رئيس أميركي يسافر إلى إسرائيل في زمن الحرب، ليقول للشعب الإسرائيلي مباشرة: أنتم لستم وحدكم.  وذكّر إسرائيل بأنه في حين أن للبلاد الحق – بل والالتزام – في الدفاع عن نفسها، فإن كيفية القيام بذلك أمر مهم.  كان من الضروري حماية المدنيين وتزويدهم بالمساعدات الإنسانية.

هذه هي الأهداف التي عملتُ على تحقيقها في أكثر من اثنتي عشرة رحلة إلى المنطقة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

(ألفاظ احتجاجية.)

الوزير بلينكن: كان كل هذا جزءًا من جهد شامل للإدارة، بقيادة الرئيس بايدن، وبمن فيهم جيك سوليفان، وبيل بيرنز، ولويد أوستن، وبريت ماكغورك، وأموس هوكشتاين، وباربرا ليف، ودبلوماسيونا في جميع أنحاء المنطقة وحول العالم.

والآن، بعد أكثر من 15 شهرًا، تم تدمير القدرة العسكرية والحكومية لحماس، وتم قتل العقول المدبرة التي كانت وراء الهجوم.

لقد أصبحت طهران في موقف دفاعي.  فقد أحبط تحالف من الشركاء الإقليميين الذين جمعناهم هجوميها الصاروخيين على إسرائيل.  وقد أدى رد إسرائيل، الذي لعبنا دورا محوريا في تشكيله، إلى تدمير الدفاعات الجوية الإيرانية، وترك المواقع العسكرية الأكثر حساسية في طهران مكشوفة وعُرضة للهجوم، وأرسل رسالة ردع واضحة – بينما في الوقت نفسه تجنب دورة تصعيدية خطيرة.

إن حزب الله، أقوى وكيل لإيران، أصبح ظلا لما كان عليه في السابق.  فقد تم القضاء على قيادته.  ودُمرت بنيته التحتية الإرهابية من الأنفاق وتصنيع الأسلحة.  وفي لبنان، تراجعت قوات حزب الله المنهكة شمال نهر الليطاني كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة.

بعد أن أنفقت إيران عقودا من الزمان في ضخ مليارات الدولارات لدعم آلة الأسد القاتلة، سقط نظام الأسد، وانسحبت طهران من سوريا.  ولم يكن أي من رعاة الأسد – لا إيران، ولا روسيا، ولا حزب الله – في وضع يسمح لهم بإنقاذه هذه المرة.  لقد غرقت كل هذه الدول في أزمات من صنعها، عملت الولايات المتحدة على تفاقمها بشكل فعال.

لقد فقدت إيران طريقها البري لإمداد حزب الله.  كما دمرت إسرائيل العديد من قواعد نظام الأسد ومصانع الأسلحة والأسلحة – بما في ذلك الأسلحة الكيميائية غير المشروعة.

إن الأمر لا يتعلق فقط بما حققناه، بل وأيضا بما منعناه.  فعندما سافرتُ عبر المنطقة في الأيام التي أعقبت السابع من تشرين الأول/أكتوبر، سمعتُ من الشركاء شعورًا ملموسًا بالانزعاج من اقتراب الحرب الإقليمية.  وقد ساعد الجمع بين العمل الدبلوماسي والعسكري الأميركي – والمساعدة في الحفاظ على قوة الردع الإسرائيلية وتعزيزها – في منع حدوث ذلك في الأسابيع التي أعقبت السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وفي لحظات مشحونة متعددة منذ ذلك الحين.

لقد أدرك حلفاء أميركا وشركاؤها، وخاصة في الشرق الأوسط، من الذي يمكنهم الاعتماد عليه للوقوف إلى جانب أصدقائهم، ومن لا يمكنهم الاعتماد عليه – أي القوى تعمل على نزع فتيل الأزمات، وأي القوى تقف مكتوفة الأيدي ولا تفعل شيئا أو تزيد المشاكل سوءًا.  إن ميزان القوى في الشرق الأوسط يتغير بشكل كبير، وليس بالطريقة التي كانت حماس وأنصارها تأمل أو تخطط لها.

ومع ذلك، تظل المنطقة مليئة بالمخاطر، من التحول السياسي الهشّ في سوريا إلى يأس إيران لاستعادة قدرتها على الردع، مع كل ما قد يعنيه ذلك لطموحاتها النووية، إلى الهجمات المستمرة التي يشنها الحوثيون على إسرائيل والشحن الدولي، إلى ندرة الفرص، وقمع المعارضة وحقوق الإنسان في العديد من البلدان.

والأكثر من ذلك أنه في حين أن المكاسب الاستراتيجية التي تحققت على مدى الأشهر الـ 15 الماضية حقيقية، إلا أنها جاءت بتكلفة هائلة ومؤلمة.  فبالنسبة لعائلات الكيبوتسات ومرتادي الحفلة الموسيقية والأطفال والجنود الذين قُتلوا في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، لا يزال الحزن الذي لا يمكن تصوّره مستمرًا.  أما بالنسبة لأولئك الذين لا يزال أحباؤهم وأصدقاؤهم محتجزين كرهائن، فإن كل يوم يجلب المزيد من الكرب بسبب عدم معرفة ما إذا كان أحباؤهم يعانون أو حتى على قيد الحياة.

لقد ألحقت الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة معاناة لا يمكن قياسها بالمدنيين الفلسطينيين – الأطفال والنساء والرجال العالقين في صراع لم يبدأوه وهم عاجزون عن إيقافه.  فقد قُتل عشرات الآلاف من الناس في غزة.  وجميع السكان تقريبًا فقدوا أحد أحبائهم.  وجميع السكان تقريبًا يعانون من الجوع.  وجميع السكان تقريبًا – حوالي مليوني شخص – نزحوا عدة مرات.  ومعظمهم ليس لديهم منازل يلجأون إليها، حيث أن العديد من المنازل في غزة قد تضررت أو دُمرت.  إن غزة هي واحدة من أخطر الأماكن في العالم بالنسبة للأطفال والمدنيين والصحفيين.

وكما يحصل دائما في الصراعات، كلما ازدادت معاناة الناس، قلت نسبة تعاطفهم مع معاناة المتواجدين على المقلب الآخر. وتعتقد أغلبية كبيرة في مختلف أنحاء العالمين العربي والإسلامي أن 7 تشرين الأول/أكتوبر لم يحصل أو أنه كان هجوما مشروعا على الجيش الإسرائيلي. ولا تقارير تذكر في إسرائيل عن الأوضاع في غزة وما يعاني منه الناس كل يوم هناك.

يمثل هذا التجريد من الإنسانية أحد أكبر مآسي الصراع. تحدث الكاردينال مارتيني الراحل ذات يوم عن حاجتنا إلى القدرة على اختبار الحزن المشترك، إذ يساعدنا على الإحساس بإنسانية مشتركة في فترات الخسارة واليأس. ونفقد من دونه أحد أهم ركائز المصالحة والعيش المشترك في نهاية المطاف.

الولايات المتحدة دولة ذات التزامات ومسؤوليات دولية فريدة، وقد عرض الصراع جنودنا ومرافقنا وأصولنا إلى مخاطر كبيرة واستنزف قدرات قواتنا ومخزوناتنا وجهوزيتنا.

واستغلت الجماعات الإرهابية الأزمة في غزة لتحاول تكثيف التجنيد وتغذية الشعور المعادي للولايات المتحدة.

واستخدم المستبدون الصراع لتبرير عدوانهم وفظائعهم وتعزيز جهودهم الرامية إلى تحدي القواعد والمبادئ الدولية التي تصون المصالح والقيم الأمريكية.

ولا شك في أن الصراع قد قسم مجتمعاتنا، بدءا من حرم الجامعات إلى دور العبادة والأسر.

وبالنظر إلى التكاليف، ولا سيما التكاليف البشرية، فإننا نتحمل مسؤولية ضمان ديمومة المكاسب الاستراتيجية التي تحققت على مدى الأشهر الخمسة عشر الأخيرة وإرساء الأسس لمستقبل أفضل.

لقد رأينا كيف يمكن أن يحل دكتاتور محل دكتاتور آخر في الكثير من الأحيان في الشرق الأوسط، أو أن يستبدل بالنزاع والفوضى. لقد رأينا كيف يمكن لدولة أن تطرد قوة خارجية لتستبدلها بأخرى، أو كيف يمكن للقضاء على جماعة إرهابية أن يؤتي بخلفاء أكثر فتكا.

إذا نحن نسعى إلى عدم إعادة عقارب الساعة إلى ما كانت عليه الأحوال قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر. نحن نسعى إلى صياغة واقع جديد للشرق الأوسط يشعر فيه الجميع بالأمان ويحققون طموحاتهم الوطنية ويعيشون بسلام.

هل يصعب تحقيق ذلك؟ نعم، فلطالما كان السلام في المنطقة صعبا.

الوزير بلينكن: هل الأمر صعب؟ نعم. هل هو مستحيل؟ لا. هل هو ضروري؟ لا شك في ذلك.

وهذا ما جعلنا نسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف دبلوماسية مترابطة، ألا وهي التوسط في حل دائم للصراع بين إسرائيل وحزب الله، وإنهاء الحرب في غزة، وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، مما سيمنح الفلسطينيين والإسرائيليين الحوافز والتطمينات التي يحتاجون إليها لتحقيق تطلعاتهم الوطنية التي لطالما سعوا إليها.

لقد عاشت إسرائيل لفترة طويلة جدا مع وضع غير مستدام على حدودها الشمالية.

كان حزب الله، وهو جماعة إرهابية تشتمل أهدافها المعلنة على تدمير إسرائيل، يسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي اللبنانية، بما في ذلك أراض واقعة جنوب نهر الليطاني، في انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي الذي أنهى الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله. وكان حزب الله يستخدم تلك الأراضي بدعم من إيران لتدريب المقاتلين وتخزين السلاح وبناء الأسلحة والأنفاق وشن هجمات فتاكة على إسرائيل.

وأطلق حزب الله بدءا من 7 تشرين الأول/أكتوبر آلاف الصواريخ ضد تجمعات سكنية يهودية بدون أي استفزاز وتعهد بمواصلة هجماته إلى حين تنهي إسرائيل عمليتها العسكرية في غزة.

كان لعدوان حزب الله تكلفة باهظة على الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، إذ اضطر حوالي 70 ألف إسرائيلي إلى مغادرة منازلهم على طول حدود إسرائيل الشمالية، وقتل الآلاف في لبنان وتهجر ربع سكان البلاد.

لم يكن الغرض من سعينا إلى وقف الأعمال العدائية تحقيق هدنة في القتال وتجنب حربا إقليمية أوسع نطاقا، بل سعينا إلى منع حزب الله من إعادة تشكيل نفسه بطريقة تهدد إسرائيل أو تواصل احتجاز الدولة اللبنانية والشعب اللبناني كرهينة. وأردنا أيضا خلق ظروف تسمح بعودة العائلات اللبنانية والإسرائيلية المهجرة إلى منازلها بأمان.

ويلبي الترتيب الذي توصلنا إليه بالتعاون مع فرنسا هذه المعايير، فهو يمكن الحكومة اللبنانية من استعادة السيطرة على أراضيها، كما يوفر للاقتصاد اللبناني وقوات الأمن الدعم والمساعدات التي تشتد الحاجة إليها، ويحافظ على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بموجب القوانين الدولية، ويحقق سعيها إلى فصل الأعمال العدائية عند حدودها الشمالية عن الحرب في غزة.

وبدأت القوات الإسرائيلية في الانسحاب من جنوب لبنان منذ توقيع الاتفاق، وانتشر الجيش اللبناني مكانها لضمان إزالة البنية التحتية الإرهابية المتبقية وعدم عودة حزب الله. وتعمل الولايات المتحدة وفرنسا ساعة بساعة لمراقبة الاتفاق ومعالجة الانتهاكات.

والآن وبعد ستة أسابيع على الاتفاق، انتخبت أغلبية البرلمان اللبناني رئيسا جديدا، وهذه أول مرة يكون للبلاد قائد وطني منذ أكثر من عامين. وتم يوم أمس تكليف رئيس حكومة جديد، وهاتان خطوتان مهمتان لتتمتع الدولة بالأمن والسيادة والنجاح ولتلبي احتياجات الشعب اللبناني.

ثانيا، سعينا إلى إنهاء الحرب في غزة بطريقة تهيئ أسس السلام الدائم وتعزز تطلعات الإسرائيليين المشروعة إلى الأمن الدائم وطموحات الفلسطينيين بدولة خاصة مستقلة وقابلة للحياة.

بعد مضي شهر على الصراع وفي خلال اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية السبع في طوكيو، قمت بتحديد المبادئ التي اعتبرتها الولايات المتحدة أساسية لتحقيق هذه الأهداف. واشتملت تلك المبادئ على ألا تكون غزة يوما تحت حكم حماس وألا تستخدم كمنصة للإرهاب أو لشن الهجمات العنيفة الأخرى، وعلى حكم بقيادة فلسطينية مع توحيد غزة والضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية، وعدم احتلال غزة من قبل الجيش الإسرائيلي أو تقليص أراضيها، وعدم فرض حصار عليها بعد الصراع، وعدم تهجير سكان القطاع بشكل قسري.

ودعت تلك المبادئ أيضا إلى وضع آلية مستدامة لتعافي غزة وإعادة إعمارها وخلق مسار يفضي إلى عيش الإسرائيليين والفلسطينيين جنبا إلى جنب في دولة خاصة بكل من الشعبين ومع تدابير متساوية من الأمن، والحرية والفرص والكرامة.

ندرك نحن وشركاؤنا أننا لن نتمكن من تحقيق هذه الأهداف بين ليلة وضحاها.

ولطالما اعتقدنا أن الخطوة الأولى تتمثل بالتوصل إلى وقف اتفاق نار أولي لستة أسابيع توقف في خلالها إسرائيل وحركة حماس إطلاق النار، وتنسحب القوات الإسرائيلية، ويبدأ الرهائن بالعودة إلى منازلهم، ويتم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وتتم زيادة كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع. ويتيح ذلك أيضا فترة لاستكمال خطة اليوم التالي للصراع لإتاحة الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية وجعل اتفاق وقف إطلاق النار دائما وإعادة ما تبقى من الرهائن إلى منازلهم.

وعندما تأكدنا من أن إسرائيل حققت هدفها الرئيسي في غزة والمتمثل في ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ هجوم مماثل لهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، كشف الرئيس بايدن عن خطته التفصيلية لوقف إطلاق النار. وجلنا في مختلف أنحاء العالم لحشد الدعم لهذه الخطة. وتبنى مجلس الأمن الدولي بسرعة قرارا يدعمها وصوت لصالحه 14 عضوا بدون أن يصوت أي عضو ضده. وأكدت جامعة الدول العربية ودول المنطقة وخارجها على دعم الخطة. وكانت حماس المتمردة الوحيدة، ولكنها كانت معزولة بالكامل، فقبلت أخيرا بإطار عمل الرئيس بايدن.

وعملنا منذ ذلك الحين مع كل من قطر ومصر بلا هوادة للتفاوض على تفاصيل الاتفاق وتنفيذه.

وصعبت أطراف مختلفة إبرام الاتفاق في أوقات مختلفة، أو أدت الظروف إلى تأخره أو إخراج عملية استكماله عن مسارها.

لقد لعبت حماس دور المفسد في خلال الأشهر العديدة الماضية، ولكن أوصلتنا جهودنا المكثفة على مدى الأسابيع العديدة الماضية إلى حافة الاتفاق الكامل والنهائي.

وقدمت الولايات المتحدة وقطر ومصر اقتراحا نهائيا يوم الأحد، وباتت الكرة الآن في ملعب حماس.

الاتفاق جاهز للتنفيذ إذا قبلت حماس.

أعتقد أننا سنتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وسواء تحقق ذلك في الأيام المتبقية من إدارتنا أو بعد العشرين من كانون الثاني/يناير، أعتقد أنه سيتبع بشكل وثيق شروط الاتفاق الذي طرحه الرئيس بايدن في أيار/مايو الماضي وحشدت إدارتنا العالم خلفه.

وتجدر الإشارة إلى أننا أدركنا منذ البداية أننا لا نستطيع الانتظار حتى وقف إطلاق النار للتخطيط للمرحلة التي تليه. وعملنا بشكل مكثف مع شركائنا لعدة أشهر بغرض وضع خطة مفصلة لمرحلة ما بعد الصراع بشكل يتيح لإسرائيل الانسحاب الكامل من غزة، ويمنع حركة حماس من العودة إليها، ويوفر الحكم والأمن وإعادة الإعمار للقطاع، وذلك بالاستعانة بالمبادئ التي حددتها في طوكيو. وسنسلم هذه الخطة إلى إدارة ترامب لتواصل العمل عليها.

ولكن اسمحوا لي أن أشارككم بعض عناصرها الأساسية هذا الصباح.

نحن نعتقد أنه على السلطة الفلسطينية دعوة شركاء دوليين للمساعدة في إنشاء وتسيير إدارة مؤقتة تتولى القطاعات المدنية الرئيسية في غزة مثل الخدمات المصرفية والمياه والطاقة والصحة والتنسيق المدني مع إسرائيل. ويوفر المجتمع الدولي التمويل والدعم الفني والإشراف. وتضم الإدارة المؤقتة فلسطينيين من غزة وممثلين عن السلطة الفلسطينية يتم اختيارهم بعد مشاورات هادفة مع المجتمعات المحلية في غزة، كما أنها ستقوم بتسليم المسؤولية كاملة إلى السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها بالكامل ومتى يصبح ذلك ممكنا.

ويعمل أعضاء الإدارة المؤقتة بتعاون وثيق مع مسؤول رفيع في الأمم المتحدة يتولى الإشراف على الجهود الدولية لإرساء الاستقرار والتعافي.

ويتم تشكيل بعثة أمنية مؤقتة تضم قوات أمن تابعة لدول شريكة وموظفين فلسطينيين بعد التدقيق في خلفياتهم، وتشمل مسؤولياتها خلق بيئة آمنة للجهود الإنسانية وجهود إعادة الإعمار وضمان أمن الحدود، وهي بيئة فائقة الأهمية لمنع التهريب الذي قد يتيح لحماس إعادة بناء قدراتها العسكرية. وسنطرح مبادرة جديدة لتدريب قوة أمنية بقيادة السلطة الفلسطينية في غزة وتجهيزها والتدقيق في خلفيتها، وذلك بغرض التركيز على القانون والنظام وتولي المهمة الأمنية المؤقتة تدريجيا.

وسيتم تضمين هذه الترتيبات في قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي.

سبق أن أعرب بعض من شركائنا عن استعدادهم للمساهمة بقوات وشرطة لأي مهمة مماثلة، ولكن فقط في حال تم الاتفاق على إعادة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها، وذلك ضمن المسار الذي يؤدي إلى دولة فلسطينية مستقلة.

وهنا تكمن المشكلة، إذ يتطلب التوصل إلى اتفاق أن تستحضر كافة الأطراف الإرادة السياسية وتتخذ قرارات صعبة وتقدم تنازلات صعبة.

كما سيتعين على الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الرئيسية الالتزام بشكل كامل بدعم الحكم بقيادة فلسطينية ومنع عودة حماس إلى السلطة.

وسيتعين على السلطة الفلسطينية تنفيذ إصلاحات سريعة وبعيدة المدى لبناء حكم أكثر شفافية وخضوعا للمساءلة ومواصلة العملية التي بدأت العام الماضي.

وسيتعين على إسرائيل القبول بإعادة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها.

ويجب أن يتبنى الجميع مسارا محددا من الناحية الزمنية وقائما على الشروط ويفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة. ويتعزز بعض من هذه المبادئ ببعضها الآخر.

ينبغي أن يكون المسار محددا من الناحية الزمني إذ لن يصدق أي طرف عملية بلا نهاية أو يقبل بها، ويحتاج الفلسطينيون إلى أفق واضح وقريب لتقرير المصير السياسي ويستحقون أن يحصلوا عليه.

وينبغي أن يكون المسار قائما على الشروط، فعلى الرغم من تمتع الفلسطينيين بحق تقرير المصير، فهذا الحق يترافق مع المسؤولية. ولا ينبغي أن يتوقع أحد أن تقبل إسرائيل بدولة فلسطينية تقودها حركة حماس أو متطرفون آخرون، أو بدولة مسلحة أو تضم ميليشيات مسلحة مستقلة، أو دولة تتحالف مع إيران أو غيرها من الدول التي ترفض حق إسرائيل في الوجود، أو دولة تعلّم الرفض وتروج له، أو دولة تستحيل دولة فاشلة في حال غياب الإصلاحات.

يجب أن يقرر الإسرائيليون شكل العلاقة التي يريدونها مع الفلسطينيين، ولا يمكن لهم أن يتوهموا بأن الفلسطينيين سيقبلون ألا يكونوا شعبا وألا يتمتعوا بحقوق وطنية. ثمة سبعة ملايين يهودي إسرائيلي وحوالي خمسة ملايين فلسطيني في الأرض عينها، ولن يذهب أي فريق منهما إلى أي مكان.

ويتعين على الإسرائيليين أن يتخلوا عن أسطورة أنهم قادرون على تنفيذ الضم بحكم الأمر الواقع بدون تكلفة أو عواقب على ديمقراطية إسرائيل ومكانتها وأمنها.

إن قبول مسار محدد زمنيا وقائم على الشروط يفضي إلى قيام دولة فلسطينية سيوفر الأفق السياسي الضروري للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية حتى تساهم بقوات الأمن والدعم المالي اللازم لمساعدة القادة الفلسطينيين الجدد على حكم غزة وضمان أمنها وإعادة بنائها.

يزعم بعض الإسرائيليين أن القبول بأفق سياسي للفلسطينيين يكافئ حماس على ما فعلته يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولكن حركة حماس قد حاولت في الواقع القضاء على فكرة الدولتين على مدى عقود وكانت تأمل في القضاء على اتفاقية أوسلو بقنابل انتحارية متواصلة. وسعت حركة حماس أيضا إلى خنق مبادرة السلام العربية من خلال شن هجمات مروعة يوم عيد الفصح اليهودي. وبعيدا عن مكافأة حماس، سيشكل القبول بالأفق السياسي أفضل قصاص لحماس بسبب اتباعها لأجندة محو قائمة على القتل والدمار.

نحن نأمل بصدق أن تكون الأطراف مستعدة لاتخاذ خيارات صعبة في المستقبل، ولكن الحقيقة التي لا يشوبها أي شك هو أنها قد فشلت في اتخاذ هذه القرارات الصعبة حتى هذه اللحظة أو تصرفت بطرق تجعل التوصل إلى اتفاق والسلام طويل الأمد محالا.

لقد قوضت حكومة إسرائيل بشكل منهجي قدرة وشرعية بديل حركة حماس الوحيد القابل للحياة، ألا وهو السلطة الفلسطينية.

خذوا مسألة التمويل على سبيل المثال. تواصل إسرائيل حجب عائدات الضرائب الخاصة بالسلطة الفلسطينية والتي تجمعها بالنيابة عن الفلسطينيين، وهذه الأموال تعود للفلسطينيين وتحتاج السلطة الفلسطينية إليها لسداد رواتب من يقدمون خدمات أساسية في الضفة الغربية، مثل خدمات الرعاية الصحية والأمن، وهي خدمات حيوية لأمن إسرائيل.

لقد دفعت مشاركة الولايات المتحدة في هذا الأسبوع إسرائيل إلى الإفراج عن مئات الملايين من الدولارات من عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية، وهذه خطوة مرحب بها، ولكن ما كان ينبغي حجب هذه الأموال من البداية. وتستمر إسرائيل في حجب أكثر من نصف مليار دولار من عائدات الضرائب التي تحتاج إليها السلطة الفلسطينية بشكل عاجل ويحق للفلسطينيين الحصول عليها.

وتعمل إسرائيل على توسيع المستوطنات الرسمية في الضفة الغربية وتأميم الأراضي بوتيرة أسرع من أي وقت مضى في العقد الماضي، كما تتجاهل النمو غير المسبوق في البؤر الاستيطانية غير الشرعية. وبلغت عدد الهجمات العنيفة التي يشنها مستوطنون متطرفون ضد المدنيين الفلسطينيين مستويات قياسية.

لطالما قلنا للحكومة الإسرائيلية إنه لا يمكن هزيمة حركة حماس من خلال حملة عسكرية فحسب وأشرنا إلى أنها ستعود للظهور في حال غياب البديل الواضح وخطة لمرحلة ما بعد الصراع وأفق سياسي موثوق للفلسطينيين، أو تظهر مكانها جماعة أخرى بغيضة وخطيرة.

وهذا هو بالضبط ما حدث في شمال غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، إذ يعيد مقاتلو حماس تجميع صفوفهم ويظهرون في كل مرة تكمل فيها إسرائيل عملياتها العسكرية وتنسحب، إذ ما من فريق آخر يملأ الفراغ. وتشير تقديراتنا في الواقع إلى أن حركة حماس قد جندت عددا من المسلحين الجدد يساوي تقريبا من خسرتهم، وهذا المسار يفضي حتما إلى تمرد دائم وحرب مستمرة.

وكلما طالت الحرب، ساء الوضع الإنساني في غزة أكثر فأكثر.

تواجه إسرائيل ظروفا صعبة بشكل فريد في غزة، فالمدنيون محاصرون هناك وحماس تختبئ في المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد وتحتها.

لا شك في أن حماس قد استغلت معاناة الفلسطينيين. وفي رسالة للوسطاء، وصف يحيى السنوار الذي كان القائد العسكري لحماس في ذلك الوقت موت المدنيين الفلسطينيين "تضحيات ضرورية" وأنا هنا أقتبس كلماته. وأضاف أنه كلما زاد عدد الفلسطينيين الأبرياء الذين يقتلون، زادت استفادة حماس.

ولكن على الرغم من هذه التحديات العميقة، كانت جهود إسرائيل لتلبية النطاق الهائل للاحتياجات في غزة بعيدة كل البعد عما هو ضروري.

لقد أوضحنا في السر والعلن بأنه ثمة خطوات تستطيع إسرائيل اتخاذها لتغيير الوضع الإنساني في غزة وضمان وصول المساعدات الحيوية إلى كافة الفلسطينيين المحتاجين. واشتملت تلك الخطوات على إعادة إطلاق تدفق السلع التجارية، وتنفيذ فترات هدنة في العمليات العسكرية كما حصل في خلال حملة التطعيم الناجحة ضد شلل الأطفال، وضمان ممرات محددة لتدفق المساعدات إلى مواقع التخزين والتوزيع.

تمثل معاناة المدنيين في غزة مأساة بحد ذاتها، وقد عزلت أيضا إسرائيل على المستوى الدولي وعرضت للخطر خطواتها نحو بناء علاقات في المنطقة، وهي خطوات حققتها بشق الأنفس.

وكلما طال أمد الأزمة الإنسانية في غزة، كلما واجهت الدول العربية التي طبعت علاقاتها مؤخرا مع إسرائيل ضغوطا من شعوبها للانسحاب، وكلما زاد خطر انهيار اتفاقات السلام التي أبرمتها إسرائيل منذ فترة طويلة مع الأردن ومصر. إن أهمية هذه الشراكات لإسرائيل والمنطقة… من السهل أن نعتبر هذه الاتفاقات أمرا مفروغا منه، وبخاصة بالنسبة إلى الأجيال التي لا تعرف إلا زمنا عاشت فيه هذه الدول في سلام. ولكن القضاء على هذه الاتفاقات سيتسبب بالمزيد من انعدام الاستقرار وسيكون إصلاحها فائق الصعوبة.

يضر البقاء في غزة بإسرائيل اقتصاديا. وقد تلقى الاستثمار الأجنبي المباشر وتصنيف إسرائيل الائتماني فعلا ضربات كبيرة، كما قوض حشد قوات الاحتياط على نطاق واسع عمل عشرات الآلاف من الشركات وإنتاجية القطاع الخاص.

وفي الوقت عينه، فشلت السلطة الفلسطينية مرارا وتكرارا في تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها، مثل إيقاف الفساد والبيروقراطية المتضخمة، مما أدى إلى تآكل دعمها بين الفلسطينيين. ويعزز رفض السلطة الفلسطينية إدانة حماس ومقتل الإسرائيليين في 7 تشرين الأول/أكتوبر بشكل ثابت وصريح وواضح شكوك الإسرائيليين في إمكانية تعايش المجتمعين جنبا إلى جنب في سلام، وقد تعززت تلك الشكوك أيضا بسبب المدفوعات التي قدمتها السلطة الفلسطينية لأسر الإرهابيين وتصريحات قائدها المعادية للسامية.

امتنع العديد من الشركاء في المنطقة وخارجها عن إدانة حماس علنا، وكان الصمت السائد بخصوص حماس مهولا وسط أصوات إدانة إسرائيل. أين كانت مطالبة حماس الدائمة والموحدة بالإفراج عن الرهائن والتخلي عن أسلحتها؟ أين كانت الجهود العاجلة الرامية إلى القضاء على التمويل والأسلحة والمواد التي تستخدمها حماس لتنفيذ هجمات فتاكة؟ أين كانت إدانة الممارسة الشنيعة التي تنتهجها حماس عند الاختباء بين المدنيين؟ ولو مارست دول العالم هذا الضغط الجماعي، لاضطر قادة حماس إلى اتخاذ قرارات مختلفة منذ أشهر عديدة، ولربما كان يمكن تجنب تلك المعاناة الهائلة.

لقد اختارت حماس الجلوس والانتظار في الكثير من الأحيان ظنا منها أن مرور الوقت ومعاناة الفلسطينيين في غزة يزيدان من فرص شعور إيران وحزب الله وغيرهما بالحاجة إلى مهاجمة إسرائيل، مما يشعل فتيل حرب أوسع نطاقا ويزيد من الضغط الدولي على إسرائيل لتنهي عمليتها العسكرية بدون قيد أو شرط ويزداد احتمال حدوث صدع بين إسرائيل والولايات المتحدة.

وفي الوقت عينه، واصلت إسرائيل حملتها العسكرية إلى ما هو أبعد من تدمير قدرة حماس العسكرية وقتل القادة المسؤولين عن هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر ظنا منها أن الضغط العسكري المستمر مطلوب لدفع حماس إلى قبول وقف إطلاق النار وصفقة الرهائن بحسب شروط إسرائيل. وظلت إسرائيل متمسكة بأن أي انحراف عن جهودها العسكرية المكثفة ستفسره حماس على أنه دليل ضعف أو تراجع في الإرادة.

وتساءل البعض عما إذا كانت يمكن لسياسة ونهج مختلفين أن يغيرا هذه الديناميكية وعما إذا كنا نمارس ضغوطا مفرطة على إسرائيل أو حماس أو إيران أو لا نفرض ضغوطا كافية.

وقد ناقشنا هذه الأسئلة بشكل معمق داخل الإدارة وداخل وزارة الخارجية، واستفدنا من الاستماع إلى مجموعة من وجهات النظر المختلفة.

يعتقد البعض أننا من خلال سعينا في السر والعلن إلى وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية وإعادة تشكيلها منعناها من إلحاق المزيد من الضرر بإيران وحماس وحزب الله وخصوم آخرين.

ويعتقد آخرون أننا قمنا بتمكين الحكومة الإسرائيلية من مواصلة حملة عسكرية غير متناسبة ومدمرة للذات وتتعارض مع المصالح الأميركية.

من الأهمية بمكان أن نطرح أسئلة مماثلة، وهي أسئلة ستتم دراستها لسنوات قادمة.

أتمنى لو كنت أستطيع أن أقف هنا اليوم وأؤكد أننا اتخذنا كافة القرارات الصحيحة. ولكنني لا أستطيع القيام بذلك.

أتمنى لو كنت أستطيع أن أقول لكم إن قادة المنطقة قد أبدوا دائما مصالح شعوبهم على مصالحهم الشخصية. ولكنهم لم يقوموا بذلك.

ولكنني أستطيع أن أقول لكم ما يلي:

بادئ ذي بدء، ما زلنا نعتقد أن أفضل طريقة لتحقيق المزيد من الاستقرار والأمن والازدهار في الشرق الأوسط وتوجيه ضربة دائمة لإيران وحماس وحزب الله ومحور المقاومة بأسره هي من خلال تحقيق المزيد من التكامل في المنطقة. ويتمثل مفتاح تحقيق هذا التكامل ـ واليوم أكثر من أي وقت مضى ـ بإنهاء هذا الصراع على نحو يحقق التطلعات القديمة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، ألا وهي تطلعات العيش بسلام وأمان في دولتين خاصتين بكل منهما.

ثانيا، لا تستطيع الولايات المتحدة أن تملي النتائج مهما كان النفوذ الذي تمارسه في الشرق الأوسط. وفي نهاية المطاف، لن يكون سلوك المنطقة مسارا نحو المزيد من التكامل قرارنا في نهاية المطاف، بل هو سيتوقف على قرارات قادتها وقرارات شعوبها.

وفي النهاية، نقف هنا اليوم ولدينا فرصة تاريخية متاحة. وعلى الرغم من أن اغتنام هذه الفرصة لن يعيد الأرواح الإسرائيلية والفلسطينية البريئة التي غادرتنا، فإنه سيمنع إزهاق المزيد من الأرواح ويكسر حلقة العنف وسفك الدماء. ولا ينبغي أن نضيع هذه الفرصة.

لطالما تمثلت رغبة إسرائيل منذ تأسيسها في أن يتم قبولها ومعاملتها كدولة طبيعية من المنطقة والعالم، مع كل الحقوق والمسؤوليات المترتبة على ذلك.

وفي الوقت عينه، الإسرائيليون مقتنعون بأن الجهود السابقة الرامية إلى تحقيق السلام قد قوبلت بالرفض والمقاومة العنيفة وانعدام الأمن المتزايد، إذ أفضى كامب ديفيد إلى الانتفاضة الثانية، وأفضت الانسحابات أحادية الجانب من لبنان وغزة إلى ظهور حزب الله وحركة حماس. وسيكون إقناع الإسرائيليين بخلاف ذلك مهمة ضرورية ومهمة جدا في أعقاب هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر.

يمثل احتمال تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية أفضل فرصة لتحقيق الهدف الذي طال انتظاره والمتمثل في تعزيز تكامل إسرائيل في المنطقة.

وهو أيضا أفضل حافز لحمل الطرفين على اتخاذ القرارات الصعبة اللازمة لتحقيق تطلعات كل من الإسرائيليين والفلسطينيين بشكل كامل وقطع العقدة المستعصية التي أعاقت التقدم حتى هذه النقطة.

لقد اكتمل معظم العمل الصعب اللازم للتطبيع، بما في ذلك المفاوضات بشأن العناصر المعقدة بين الولايات المتحدة والسعودية في الاتفاق.

وتشمل هذه العناصر على ما يلي:

اتفاقية تحالف استراتيجي تجعل من للمملكة العربية السعودية حليف معاهدة للولايات المتحدة.

واتفاقية تعاون دفاعي تعزز التنسيق العسكري وتبني القدرات المتكاملة.

واتفاقية طاقة تتضمن التعاون النووي المدني.

واتفاقية اقتصادية لتعزيز التجارة والاستثمار الثنائي.

لقد زادت هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر من احتمال التوصل إلى اتفاق التطبيع بالنسبة إلى للجانبين.

لطالما كان تعزيز الجهود لتحقيق حق تقرير المصير الفلسطيني عنصرا أساسيا بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية، ولكن باتت ضرورة إنهاء الحرب في غزة وإيجاد سبيل موثوق به نحو قيام الدولة الفلسطينية أمرا أكثر إلحاحا بالنسبة إلى الرياض.

أما بالنسبة إلى إسرائيل، فقد أكدت هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر وما أعقبها أن تحقيق المزيد من التكامل في المنطقة وفي بنيتها الأمنية قد يعالج بشكل أفضل التهديدات لأمنها ويعزل أعداءها.

وهذا ما حصل في نيسان/أبريل وتشرين الأول/أكتوبر عندما اجتمع الشركاء من المنطقة وخارجها بقيادة الولايات المتحدة وبطريقة غير مسبوقة للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الصاروخية المباشرة غير المسبوقة من إيران. ويشير ذلك إلى ما يستطيع العالم القيام به لإعادة البرنامج النووي الإيراني إلى الصندوق وضمان عدم امتلاك طهران لسلاح نووي في أي يوم من الأيام.

تنقل فريق من صانعي الأفلام الوثائقية في العام 2021 في أنحاء غزة وطرح على الأطفال سؤالا بسيطا، وهو "ما هو حلمك؟"

بدا العديد من الأطفال الذين طرح عليهم السؤال في الخامسة أو السادسة من عمرهم، أي في عمر أطفالي تقريبا.

قالت فتاة صغيرة إنها تحلم بأن تصبح طبيبة، وعندما سألها المحاور عن السبب، قالت إنها تريد معالجة الناس في الحرب.

وقال صبي إنه يحلم بأن يصبح طيارا ليتمكن من نقل الناس من المكان الذي يتواجدون فيه ليروا العالم ويشعروا بالسعادة.

وقالت فتاة إنها تحلم في أن تصبح مهندسة لتعيد بناء المنازل التي تهدمت.

وقال صبي إنه يحلم "بأن يرى بلاده تصبح مكانا جميلا تحت يديه".

أنا أعرف أن الأحلام التي تراود الفتيات والصبيان الإسرائيليين مماثلة.

يحلمون بألا يضطروا إلى وداع أشقائهم الأكبر سنا ووالديهم الذين سينضمون إلى جهود الحرب.

يحلمون بألا يضطروا إلى تمضية ليال في الملاجئ أو بألا يرتادوا حافلة مدرسية تتعرض لهجوم من قبل إرهابيين.

يحلمون بالعودة إلى المنازل التي فروا منها.

يحلمون بجعل تجمعاتهم السكنية المدمرة جميلة مرة أخرى.

ثمة مسار آخر ممكن، وقد رأيناه، وهو مسار يفضي إلى المزيد من التكامل والمزيد من الفرص ويؤدي إلى السلام والأمن الدائم.

وأنا أعتقد أن هذا المسار لا يزال مفتوحا بفضل الأسس التي وضعناها قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر وبعده.

وأعتقد أنه في حال اتخذ القادة الخيارات الصعبة القاضية بالسير في هذا المسار، فلن يجدوا الولايات المتحدة وحدها إلى جانبهم، بل سيجدون قوة لا يضاهيها أي خصم، ألا وهي قوة أجيال من الشباب المصممين على نبذ الفكرة القائلة إنه لا يمكن تجنب الصراع وإن الكراهية متوارثة والشجعان بما يكفي… والشجعان بما يكفي لقبول التعايش المشترك السلمي.

شكرا جزيلا على إصغائكم.


للاطلاع على النص الأصلي:
https://www.state.gov/office-of-the-spokesperson/releases/2025/01/secretary-antony-j-blinken-toward-the-promise-of-a-more-integrated-middle-east

هذه الترجمة هي خدمة مجانية مقدمة من وزارة الخارجية الأميركية، مع الأخذ بالاعتبار أن النص الإنجليزي الأصلي هو النص الرسمي.


This email was sent to stevenmagallanes520.nims@blogger.com using GovDelivery Communications Cloud on behalf of: Department of State Office of International Media Engagement · 2201 C Street, NW · Washington, DC · 20520 GovDelivery logo

No comments:

Page List

Blog Archive

Search This Blog

GAIN Reports from January 14, 2025

The following GAIN reports were released on January 14, 2025. ______...